ساعات يقضيها الخاطبون والعشاق في الحديث مع بعضهم، وقت أقل لحديثي الزواج، ووقت أقل بطبيعة الحال لقدامى المتزوجين!، فما هي المواضيع أو المجالات التي يجب أن يتحاور بها الزوجان بشكل دائم.
الحوار الشخصي أولاً
يعتبر الحوار عن الأمور الشخصية من تجارب يومية ومشاعر خاصة وأفكار وتصورات؛ أهم مجالات الحوار بين الزوجين، فهذا النوع من الحوارات من شأنه أن يحافظ على التفاهم الزوجي والمعرفة الزوجية.
وقد وجدت دراسة أن هناك علاقة وثيقة بين مقدار الوقت الذي يقضيه الزوجان في الحوار وبين رضاهما عن العلاقة، ويبدو أن الحوار الشخصي حيث يخبر أحدهما الآخر عن تفاصيل يومه والأحداث التي مرت به ومشاعره كان له النصيب الأكبر، وهو ما يطلق عليه حوار "كيف كان يومك عزيزي؟" والذي نتطرق له لاحقاً. كما أن الحوار حول المشاعر والتجارب الشخصية هو الذي يمهد الطريق أمام الحوار الفعَّال في المجالات العملية.
القرارات والخطط
يعتبر اتخاذ القرارات المنفردة واحداً من الإجراءات التعسفية التي تقود الزواج إلى النفق المظلم، قد لا يكون للشريك رأي مغاير بالضرورة، وقد لا يمتلك الحكمة اللازمة للمشاركة بالقرار أو التخطيط، لكن مجرد تجاهله تجعله حساساً وحزيناً. لذلك فإن الحوار حول الخطط المستقبلية والقرارات العادية والمصيرية يعتبر حواراً بنَّاءً وممتازاً يقود العلاقة الزوجية إلى المزيد من الاستقرار، وقد يصعب إجراء حوارات عملية فعّالة في غياب الحوار الشخصي إلا عند الأشخاص البراغماتيين.
الحوارات التربوية
تربية الأطفال وتخطيط مستقبلهم واختيار المدرسة وتأمين الرعاية الطبية ومواجهة المراحل العمرية الحساسة أو السلوكيات الغريبة أو حتى المنحرفة؛ جميع هذه التجارب لا يمكن تجاوزها بشكل فعال وصحي دون حوار زوجي يحترم طرفاه بعضهما بعضاً.
القفز فوق الحواجز
سواء الأزمات الشخصية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر والأزمات الصحية...إلخ، أو الأزمات العائلية مثل الملل الزوجي وفتور المشاعر والمشاكل التربوية والمشاكل الأسرية...إلخ، هذه العقبات والحواجز لا يمكن القفز فوقها دون حوار فعال وودي وحقيقي.
طرق تفعيل وتعزيز الحوار الزوجي
لكن ما هو الحوار الزوجي؟!... نحن هنا لا نتحدث عن الجلوس إلى طاولة مستدير وتنظيم جلسة حوار كما في الاجتماعات الرسمية!، بل عن الحوار بصفته عادة حميدة تقود الزواج إلى الأفضل وتحافظ على المحبة، وعلى الاحترام في غياب المحبة.
فالأحاديث الودية التي يجب أن يتبادلها الزوجان لا بد أن تكون روتين يومي يسعى الزوجان من خلاله إلى تعزيز معرفتهما ببعضهما والحفاظ عليها معرفة كبيرة وشاملة وعميقة، وإلى إدراك الجوانب الجديدة والتجارب الجديدة في حياة كل منهما، وفي سبيل تفعيل وتعزيز الحوار بين الزوجين يمكن النظر إلى النصائح والأفكار والاقتراحات التالية:
قاعدة الدقائق العشرة لزواج عظيم
في كتابها "خمس خطوات بسيطة تنقل زواجك من جيد إلى عظيم" اكتشفت الدكتورة تيري أوربوخ بعد دراسة أكثر من 400 حالة زواج أن الأزواج الأكثر سعادة هم الذين حافظوا على حوار يومي هادف لمدة عشر دقائق، لتعرف هذه القاعدة لاحقاً باسم قاعدة الدقائق العشرة 10-minute rule.
وتنص قاعدة الدقائق العشرة على إتاحة فترة بسيطة بشكل يومي بحدود عشر دقائق يقضها الزوجين في حوار شخصي بعيد عن الأسرة وهمومها وعن العمل والأطفال والديون....إلخ، هذه الدقائق القليلة من الحوار الحميمي بين الزوجين -والذي يستهدف العودة إلى مرحلة ما قبل الانهماك الزوجي- كفيل بمساعدة الزوجين على إحياء العلاقة بينهما بشكل مستمر والحفاظ على معرفة مميزة لبعضهما البعض تعزز الاستقرار والتفاهم.
الأسئلة المفتوحة والجذابة
تؤثر طريقة طرح الأسئلة بشكل كبير على نوعية الحوار الذي سيدور بعدها، ويبدو أن نوعية الأسئلة المغلقة التي تحض الآخر على جواب مختصر (نعم، لا) هي أسوأ أنواع الأسئلة في حال كنت ترغب بحوار جذاب وحميمي، فيما تعد الأسئلة المفتوحة التي تحض الآخر على الحديث والشرح والتوضيح هي النوع الأفضل في فتح حوار جذاب وممتع وفعَّال.
محادثة الحد من التوتر
أشهر وأهم أنواع الحوار بين الزوجين هو ما يطلق عليه "كيف كان يومك حبيبي؟"، هذا الحوار الذي يبدأ عند انتهاء يوم العمل والدخول في الوقت العائلي، لكن الحوار لا يسير دائماً بالاتجاه الصحيح!. فمحادثة "كيف كان يومك؟" قد تتحول إلى فرصة للتشفي أو رمي الاتهامات أو الانتقام الناعم!، لذلك لا بد للزوجين من إدارة هذا الحوار بشكل إيجابي ليكون فاعلاً في تخفيف التوتر والضغط اليومي.
يقترح مدرب العلاقات والكاتب في معهد جوتمان [١] كايل بنسون أربع نقاط جوهرية لجعل محادثة "كيف كان يومك؟" محادثة إيجابية وفعالة، ويسمي هذه النقاط اتفاقات الحب [٢]، وهذه الاتفاقات أو النقاط هي:
- الاتفاق على التوقيت: ما هو الوقت الأنسب لطرح هذا السؤال، هل هو بمجرد دخول الزوج من الباب؟ أم بعد تناول الغداء؟ أم تراه سيكون مناسباً في آخر الليل؟ يتعلق الأمر بالوقت الذي يشعر به الشريكان بالراحة تجاه الحديث عن يومهما.
- الاتفاق على الحضور أو الوجود لمدة ٢٠-٣٠ دقيقة معاً على الأقل.
- ضع مشاكل الزواج بعيداً عن هذا الحوار، فنقاش المشاكل الزوجية أو التلميح إليها سيفسد الهدف من السؤال "كيف كان يومك؟"، يجب أن يكون الحوار في أي شيء إلا عن المشاكل الزوجية العالقة، فتلك لها وقتها.
- الانفتاح والمرونة حول المشاعر المختلفة، فليست كل الأيام تمر بسلاسة، وليست كل الأحداث مفرحة وسعيدة، وهذه المحادثة يجب أن تكون فرصة للتخلص من المشاعر السلبية أو مشاركة المشاعر الإيجابية.