امزح والعب فهذا عمل صالح
من اجمل لحظات الوالدين ومما يخفف ضغوطات الحياة عليهما هي تلك اللحظات التي يقضيانها في اللعب والمزح وعمل المقالب البسيطة مع ابنائهم وبناتهم. انها حقا متعة ما بعدها متعة ان كان المزح واللعب يصب في تقوية العلاقة بين الوالدين وابنائهما.
اما ان تمادى الوالدان او احدهما في المزح والضغط المركّز على احد الابناء دون الاخرين فهنا هو يحضر الوصفة الأكيدة لشعور الطفل بالإضطهاد او التفرقة مما يؤدي به الى حمل مشاعر عدائية تجاه اخوته او ان تنكسر نفسه فيشعر بالدونية او اي شعور داخلي غير سوي.
بين الجد واللعب
كبالغين نحن نعلم انه مزح لكن الطفل في عقله لا يستطيع التفريق بين الجد والهزل حتى لو ابدى تجاوبا يظهر انه مستمتع او راض عن النتيج النهائية للمزحة.
ما يراه الطفل انه مستهدف وهذا شعور داخلي لا يمكن تصحيحه بكلمة طيبة او هدية كما يعتقد الوالدين. عندما تدمر نفسيه انسان وتجعله يشعر بالحرج او الغضب او الغيرة فلن تغني كل هدايا الأرض. سيبقى يرى المعاملة اللاحقة وكأنها ثمن للألم الذي تعرض له وهذا بالتالي يجعله يكتسب نمطا سلوكيا في الحياة يعتمد على دور الضحية لتحقيق مكاسب لاحقة.
ايضا سيكون الطفل فكرة في عقله الباطن ان الحصول على الأشياء لا يتم الا بعد التعرض للإذلال او الإضطهاد وبالتالي عليه اما ان يضع نفسه في وضع المضطهد ليحقق المكسب المنشود او تطوير شخصية متمصلحة يبتز بها الآخرين من حوله بإظهار الضعف والإنكسار ويتحول الى انسان حساس زعول. خبرته في الحياة تقول له انه عندما يعزز مشاعر الذنب لدى الآخرين فإنه يحقق مكاسب.
عامل الوقت يلعب دورا مهما في تكوين شخصية ترى أن ما تحصل عليه لا يأتي الا بصعوبة وبعد مرور وقت عادة مرتبط بمشاعر ألم. يطور الطفل بعدها تصور حول صعوبة الحياة والحاجة الى وقت لتحقيق الأهداف وكنتيجة يتوقف لديه سريان الأشياء في حياته، بل انه لا يستطيع تصور الحصول على الأشياء بسهولة مما ينعكس على تعاملاته وعلاقاته بشكل عام.
حسن النية وحده لا يكفي
معظم الآباء والأمهات عندما يثقلون على ابنائهم هم في الغالب يقومون بذلك عن حسن نية وبقصد المرح وخلق اجواء ضاحكة وقد يغيب عن تصورهم ما يشعر به الطفل من ألم داخلي لا يبوح به بشكل واضح ربما لشعوره بالهزيمة.
حسن النية شيئ والتربية الصحيحة شيئ مختلف تماما. كآباء ومربين علينا أن ندرك مراحل تطور ابنائنا وبناتنا وأن نمنحهم الجرعة المناسبة لأعمارهم وعقولهم التي مازالت تتعلم وتكتسب المعرفة بالملاحظة والمحاكاة.
دور المزح واللعب في تطوير شخصية الطفل
رغم كل ما تحدثنا عنه آنفا الا أن للعب والمزح دور جوهري في تربية الطفل وتقوية نفسيته ان تم ذلك بطريقة مدروسة. اليك بعض النقاط التي قد يكتسبها الطفل من المزح السليم:
- القدرة النفسية على التعامل مع المواقف المختلفة
- التفريق بين الجد والهزل
- عدم التسرع في الحكم على المواقف
- الحياة ليست كلها عناء وشقاء
- تبسيط الأمور وعدم التشدد
- القدرة على الاستماع
- تمرين للمهارات اللغوية وفن الرد
- الأصدقاء يضحكون ويمرحون
- التفريق بين المزح والإهانة
- تلطيف الأجواء المتوترة
- التخلص من المواقف المحرجة بذكاء
- الاستمتاع بالقليل ولو كان كلمة مضحكة
- زوال التحسس العالي من الانتقادات
- تحويل الألم الى مناسبة للفرح
كانوا سيحتاجون الى سنوات وتجارب مؤلمة للتوصل الى هذة الفكرة
تلك كانت بعض فوائد المزح واللعب وهنا يأتي دور الوالدين في ترسيخ تلك القيم من خلال تعاملهما معا في حضور ابنائهم وايضا بمتابعة ما ينشأ من خلافات بين الأخوة ومن ثم شرح الموقف للطرف الذي شعر بالسوء.
فمثلا تستطيع أن تقول للطفل المستاء «هو أخوك ويحبك لذلك يمزح معك» أو «أنت ايضا تستطيع أن تضحك على أنفه، مجرد ضحك لأنكما اخوين مرحين ومضحكين»
ماذا فعلت هنا؟ أنت ازلت فتيل الأزمة وفي نفس الوقت اضفت قيمة جديدة للطفل لم يكن ليعرفها لولا تدخلك المباشر. أنت اختصرت على ابنائك سنوات من العناء بهذا الفعل البسيط. كانوا سيحتاجون الى سنوات وتجارب مؤلمة للتوصل الى هذة الفكرة التي تراها بسيطة لأنك بالغ.
مثال للمزح السيئ
في الفيديو يظهر أب يمزح مع طفلته الجميلة. في الحقيقة الطفلة واخواتها يبدون رائعين وتبدو العائلة سعيدة وافرادها على خلق، لكن لمن يدقق في تعابير الطفلة سيكتشف شيئ مختلف. الطفلة تتألم وتشعر بأنها غير محبوبة وهذا يبدو واضحا من ردة فعلها تجاه اختها.
المشكلة أن الموضوع متوفر للجمهور وتحول الى قناة على اليوتيوب. اعتاد الأب وعن حسن نية إغاظة ابنته وادخلها في تحدي مع اخواتها عن طريق منحها شعورا بالرضى عنها ثم هدم توقعاتها او عن طريق قبول عمل من اخواتها ورفضه ان كان منها (في فيديوهات أخرى).
ملاحظة: تم استخدام هذا الفيديو لأنه متوفر للجمهور ومعروض ضمن نطاق النشر العام.
.
كيف تدمر نفسية طفلك؟
هناك عدة سلوكيات يمارسها الكبار تقوم بتدمير نفسيات الكبار فما بالنا بالأطفال؟
اليك بعض الممارسات التي تؤدي الى تدمير نفسية الطفل حتى لو كانت بالمزح
- المقارنة بينه وبين اخوته واخواته
- تركيز المزح ضده - نوع من التنمر
- رفع آماله عاليا ثم تدميرها تماما (خطير جدا)
- التلاعب بالكلام وبمعاني العبارات
- تحدي عقله وقدراته
- كثرة العتاب وتحويل كل موقف الى محاضرة
- مناداته بأسماء تزعجه
- الاستهزاء به والسخرية منه ولو مزحا
- كثرة مساومته للحصول على الأشياء
- التوبيخ الشديد
- تمثيل الرضى والسخط
- التهديد المباشر او بالايحاء
- السخرية من محاولاته والتقليل من انجازاته
- اهانته امام اصدقاءه واقرانه
- كسر كلمته امام اصدقاءه
- توجيه الكلام البذيئ له
- تضخيم الأمور وتعظيم العواقب
- عدم الوفاء بالوعود
- اعتماد اسلوب الايحاء في ايصال المعاني
تذكر: هو طفل صغير لكنه انسان كامل ومن حقه الحصول على الاحترام والتقدير وعدم التلاعب به و بمشاعره.