مرحلة المراهقة ماذا تعني للوالدين؟

مرحلة المراهقة من المراحل المهمة في حياة الإنسان وهي مسئولية الأم والأب في اعداد الأبناء والبنات من اجل مناورة الحياة والإعتماد على أنفسهم

  • المرهقة هي فترة الإستعداد للإستقلال عن الأسرة
  • المراهق لا يعصيك وانما يحاول ان يخبرك انه يستعد للمستقبل
  • لا تكسر المراهق فأنت المعلم

البداية

تعد مرحلة المراهقة من المراحل الصعبة على الوالدين وكذلك الأبناء معا. انها مرحلة بداية الإنفصال وتكوين شخصية مستقلة للأبناء بعيدا عن عائلاتهم التي ولدوا فيها.

ما عادوا صغارا كما كنا نعهدهم وما عادوا يطيعوننا كما لو انهم ينكرون كل جهودنا في تربيتهم وتحمل جميع انواع التعب من اجل راحتهم ونجاحهم وسعادتهم وبالتالي سعادتنا ونحن نراهم ناجحين كتعبير مباشر لنجاحنا مما يمنحنا شعور عميق بالرضى. للأسف نلاحظ عليهم علامات التمرد ومحاولات اثبات اننا موضة قديمة. فجأة نتحول الى ما يشبه قطعة الأثاث القديمة وهذا مزعج بدرجة كبيرة.

في مثل هذة الحالة تتفعل فينا القوى الكامنة من اجل اخضاعهم وتحويلهم الى اشخاص رائعين حسب مقاييسنا التي نعتقد بأنها تناسبهم او من المفروض ان تناسبهم فنحن نعرف مصلحتهم ويمكننا مساعدتهم في تحقيق نتائج أفضل من النتائج التي حققناها. سوف نتأكد من حصولهم على حزمة كاملة اعددناها بعانية من اجل مصلحتهم ونتأكد بأنهم لن يقعوا في نفس أخطائنا. هذة الصورة الجميلة المدعومة بنية صادقة عادة ما تتبدد تحت وطأة اعتراضاتهم وعنادهم الغي مبرر فنحن إنما نقوم بما نقوم به بدافع الحب. الا يستطيعون رؤية الحب النابع من قلوبنا؟

الغريزة تغلب دائما

في الحقيقة المراهق مجبور على ذلك السلوك المنفر لأن كل شيئ فيه يقول له أنت الآن جاهز لخوض غمار الحياة ولست بحاجة الى وصي يعلمك كيف تعيش حياتك. يجب أن تتخلص منهم جميعا. هذا ما يشعر به المراهق لأن هذة غريزة او فطرة مغروسة في نفسه ولا يستطيع مقاومتها. لذلك لا يجب إنكار هذا عليه أو عليها والتصرف وكأنه يتعمد ازعاجنا فقط من اجل اثبات نفسه. الغريزة دائما تنتصر لأنها طبيعية لا يحتاج فيها المراهق للتفكير او الإستعداد فهو طبيعيا ينزع الى التمرد. هل نتركه يفعل ما يشاء؟ لا طبعا وهناك طرق سنذكرها للتعامل مع المرحلة ولكن يجب ان ننتبه ان دورنا يعتمد على مدى تفهمنا للحالة النفسية للمراهق ومساعدته على تخطيها دون تدميره. هو إنما يستعد لمرحلة البلوغ والإستقلال التام عن الأسرة.

إقرأ عن  كيف أشجع المراهق على الدراسة؟

مازال صغير لا يدرك الأخطار

قد لا يدرك الأخطار لكنه ليس صغير من وجهة نظر طبيعة الخلق. عندما كان صغيرا كان يتشبث بأمه اما الآن هو إنسان يحاول الرفرفة بجناحيه للإنطلاق الى وجهته المقدرة له. الأخطار لا يعلمها ولا يدرك ما يحيط به بشكل كامل وهنا يأتي دورنا كآباء وامهات في توفير الممر الآمن له ليعود الينا ليسأل ويستفسر دون ان نسلط عليه عصا الأحكام المسبقة والإعتراضات. نريده ان يشعر بالأمان وهو يحاول طرح اسئلته التي تحيره دون ان يشعر بأنه مهدد بالعقاب لأنه يفكر بطريقة لا تروق لنا. هل لاحظت؟ هو صغير وأنت كبير وهنا يأتي دورك في التحلي بروح تحتوي وتشرح وتبين وتدعم وتؤازر. لا تستطيع لوم الصغير وأنت كشخص بالغ عاقل راشد لا تتصرف بعقل فتنفعل وتفقد اعصابك ولا تستطيع توفير الوقت.

إنه إنسان صغير فقط.

المراهق ليس عبئ ولا هو عالة. هو إنسان صغير السن بحاجة لدعم الكبار من اجل مساعدته على فهم نفسه وفهم العالم حوله واعداده الإعداد الجيد للحياة كفرد مستقل بعد بضعة سنوات. نتعامل معه على أنه صغير وليس غبي او أحمق فهذة النظرة حتى لو لم ننطق بها فإنه يشعر بها لأنه إنسان كامل رغم صغر سنه. ما لا يدركه أكثر الناس رغم انهم يشعرون به هو حقيقة اننا ننقل للطرف الآخر مشاعرنا وافكارنا واعتقاداتنا عنه حتى لو لم نتكلم ولذلك يجب ان يتحلى الوالدان بروح طيبة ونظرة ايجابية اثناء التعامل مع ابنائهم. هم بحاجة للشعور بأننا نحترمهم حتى وإن كنا منزعجين من بعض تصرفاتهم.

المراهق يعلن مرحلة جديدة من حياته.

الإنسان في مرحلة المراهقة وبشكل فطري يعلن استقلاله لأن هذا هو الطبيعي عند كل المخلوقات ومنها الإنسان لكن ما الذي يجعلنا نعتقد أن اولادنا ملك لنا نفعل بهم ما نشاء؟ من الذي اوهم البشر انهم يملكون البشر؟ هذة الثقافة انتجت الكثير من الألم للوالدين وابنائهما وهي تستمر في تدمير نفسياتهم ليس لشيئ الا تغذية الغرور الذي يتمتع به الإنسان عندما يتصرف وكأنه خالق الحياة والمتصرف بها ولا يريد أن يدرك أنه يتعامل مع خلق مختلف عنه في العقل والنفس رغم أنه خرج منه. لذلك المراهق بدون قصد منه واتباعا لغريزته يعلن تمرده من اجل الإستعداد لمرحلة البلوغ. العائلة هي مركز التدريب بالنسبة له فهو يتدرب على تكوين شخصية مستقلة تساعده على مناورة الحياة لاحقا عندما يبدأ بتحمل مسئولياته القانونية أمام المجتمع والقانون.

إقرأ عن  أساسيات بناء شخصية الطفل

نجهزهم للخمسين سنة القادمة.

كآباء وأمهات ومربين يجب أن نجهز اولادنا وبناتنا للخمسين سنة القادمة من حياتهم بأن نمدهم بكل المعلومات المفيدة من أجل حياتهم بعد البلوغ. فمثلا يمكننا تعليمهم كيف يتعاملون مع المال وكيف يديرون المنزل وكيف يعتمدون على أنفسهم وكيف يبتكرون طرق لكسب المال وعدم توقع المساعدة من الآخرين وعليهم بناء انفسهم بأنفسهم. يجب ان يكتسبوا مهارات الحياة التي تساعدهم على النجاح والعيش في سلام. من الضروري ان نثقفهم الثقافة الوطنية بحيث يعرفون قيمة الوطن ولا يفرطون فيه من اجل اوهام مصدرها اعداء داخليين او خارجيين. في الحقيقة يجب أن نتعلم الكثير من أجل تعليمهم ويجب أن نثقف انفسنا من اجل ان نتحول الى معلمين حقيقيين لتكتمل رسالتنا في حياتهم.

لكن لماذا يعصوننا، لماذا لا يطيعوننا؟

بكل بساطة هم مبرمجون منذ الولادة للمستقبل. يولدون وفيهم قدرات ومهارات المستقبل لكننا بكل سذاجة نعتقد أنهم صغار لا يفقهون قولا بينما قدراتهم تثبت لنا ذلك كل يوم. مثلا كيف يعرف الطفل الصغير ذي الثلاث او اربع سنوات أن هذا هاتف وكيف يضغط على ازراره بمهارة؟ كيف يتعاملون مع التكنولوجيا الحديثة وكأنها أمر طبيعي مع أنهم لأول مرة يتعرفون عليها؟ لماذا أفكارهم مختلفة؟ هذا يعطينا فكرة انهم جائوا ببرمجة متفوقة منذ البداية وأن ما يحدث انهم يصطدمون بشروطنا وتعاليمنا واعتراضاتنا وتوقعاتنا واحيانا سوء تعاملنا واعتدائنا عليهم اما نفسيا او جسديا. كثير من الآباء والأمهات ينحصر دورهم في تحطيم شخصيات أبنائهم وبناتهم وكأنهم يكرهونهم. الا نتوقف ونفكر لوهلة؟ لماذا رغم ادعاء كثير من الآباء والأمهات لأبنائهم نجد الأبناء يعانون من اضطرابات نفسية وشخصيات مهزوزة؟ يدّعون الحب لكن افعالهم تقول العكس. الذي يحب يصبر على من يحب. الذي يحب لا يحقر ولا يعتدي. الذي يحب لا يدمر نفسية من يحب. ما هذا الحب الذي يقضي على الأمل؟ ان كان حبك سيدمر اولادك وبناتك فتوقف عن الحب وعاملهم وكأنك موظف وليس كأم او اب. القيمة ليست في الكلام فقط وانما في التصرف فهل تحسن التصرف؟

إقرأ عن  كيف أقوى العلاقة بين زوجى وإخوتى؟

دورنا في حياة ابنائنا

دورنا محدود جدا وهو اعدادهم للمستقبل وبعد ان نجهزهم بما يحتاجونه نترك لهم حرية اختيار حياتهم دون وضع شروط او توقعات. في هذا الحالة نكون قد قمنا بواجبنا نحوهم وسلحناهم بما يحتاجونه في رحلتهم مع محافظتنا على فتح قلوبنا لهم. لهم الحب دائما. هذا الباب الذي بعد ان ترهقهم الحياة يعودون من خلاله ليجدونا فاتحي ذراعينا لهم نستقبل بكل حب دون اعتراض او شكوى. ان عادوا صاروا اصدقائنا الأصغر سنا وان قرروا الإبتعاد فإننا قد قدمنا لهم افضل ما لدينا وضميرنا مرتاح. نعلم ان الإنسان في النهاية يقرر لنفسه ما يناسبه لكن لأننا مازلنا نوفر الحب فعلى الأرجح سيبقى الودانا قريبين منا حافظين للود.

يكبرون ويتركوننا

نعم هو كذلك. انهم يكبرون ويتركون البيت ولذلك لا نبني آمالنا وحياتنا على وجودهم. يكبرون وتتغير شخصياتهم ونفسياتهم وتتغير ظروفهم واهدافهم ونبدو وكأننا غير مهمين. المشكلة عندما نعتقد أن اهميتنا تكمن في وجود ابنائنا بالقرب منا. لا نرى اهميتنا في اننا علمناهم وقمنا برعايتهم على أكمل وجه ومن ثم حررناهم وفتحنا قلوبنا وبيوتنا لهم. هم سيكبرون ويستقلون ويعيشون ظروف حياتهم ونحن سنكون قد انهينا مهمتنا وحان وقت الإستمتاع بالحياة. لا أطفال صغار ولا مراهقين مزعجين فهذا وقت الهدوء والسلام وربما السفر والإستجمام. لماذا نتوقف عن الحياة فقط لأننا قمنا بواجبنا نحو أبنائنا؟ نحن مازلنا احياء ومن حقنا أن نستمتع بأيامنا خصوصا اننا قد انهينا مهمتنا بنجاح.

.
أنا مهتم بمثل هذة المواضيعNo
horizonta scroll