العائلة هي النواة الأولى لتكوين مجتمعات بدونها لا يمكن ان نطلق على المجتمع هذا الإسم. اذا كل مجتمع مكون من مجموعة عائلات تشكل نسيجه المتجانس عبر حزمة من الأعراف والتقاليد التي تربط أفراد العائلة الواحدة ومن ثم تربطها ببقية العائلات لتكوين ذلك الحبل المتين الذي يكون المجتمع وثقافته المتوارثة وطموحاته واحلامه.
تأسيس عائلة جديدة ليس بالأمر الهين خصوصا مع نقص الخبرة وعدم وجود آلية واضحة لنقل الخبرات من جيل إلى آخر. في وضعنا الحالي للأسف نحن مضطرون لإعادة صياغة مفاهيمنا حول العائلة وما تعنيه بالنسبة لنا كأفراد وكأوطان. دور المرأة بالغ الأهمية في هذا الشأن لأنها تشكل الجزء المسئول عن نمو العائلة وايضا تقديم الرعاية لأفرادها بغض النظر عن اعمارهم او دورهم دون ان تنسى نفسها في العملية وهذا الخطأ الذي تقع فيه كثير من النساء قليلات الخبرة.
الهدف من تأسيس عائلة جديدة
الهدف الرئيسي من تأسيس عائلة جديدة هو بالفعل تأسيس عائلة جديدة في كل شيئ. جديدة في اهدافها وطموحاتها وجديدة في مفاهيمها وجديدة في طريقة تعاملها مع الحياة. الحياة ذاتها قائمة على النمو المستمر ومن غير المنطقي أن تكون الزيادة عددية فقط او التحديث محدود لا يكاد يرى. اذا عندما نقول بأننا بصدد إنشاء عائلة جديدة فإننا عمليا نقول بأننا سنبذل قصارى جهدنا لتصبح تلك العائلة إضافة قيمة لمجموعة العائلات التي سبقتنا.
دور المرأة في العائلة الجديدة
المتعارف عليه أن المرأة هي نصف المجتمع والبعض ذهب الى القول أن المرأة مقدسة وهناك من يرى بأنها لا شيئ. تلك آراء الناس السائدة في المجتمع ولذلك الكثيرون يعانون من اختلالات تنغص عليهم عذب الحياة. المرأة هي المرأة وكفى. هي إنسان سوي طبيعي جدا ومن هذا المنطلق المتوازن يمكنها العمل فلا يتم تحميلها فوق طاقتها لأنها مقدسة ولا هضم حقوقها لأنها لا شيئ حسب تصور البعض. تلعب المرأة دورا بارزا في تقديم الرعاية لكل أفراد العائلة. دورها الأساسي هو الإستمرار في تقديم الرعاية للجميع بلا استثناء بغض النظر عن أعمارهم او جنسهم. هي المسئولة الأولى والأخيرة عن الرعاية وتقديم الحب والمشاعر الدافئة للجميع.
ما المقصود بالرعاية؟
الرعاية هي الإهتمام بالصحة العامة للجميع وهذا يتمثل في النظافة في المكان وكذلك الغذاء. هي وزارة الصحة لتلك العائلة الجديدة. ايضا من ضمن الرعاية الإهتمام بالجانب النفسي لأفراد العائلة وتوفير الاجواء المناسبة لهم للقيام بأعمالهم ومهامهم. الأطفال يحتاجون لجو هادئ من اجل نمو متوازن مع حب كبير وقلب مفتوح لإختلافاتهم وتباين قدراتهم فبالنسبة للأم كل أبنائها وبناتها سواء من حيث الإهتمام بصحتهم الجسدية والنفسية وتوفير الجو المناسب في البيت للعبهم ودراستهم واوقات راحتهم. كذلك الرعاية تشمل الزوج لأنه مصدر رزق العائلة. ما يحتاجه الزوج هو الرعاية الشخصية وتوفير الجو المناسب له للقيام بأعماله بأقل قدر من الإزعاج والمقاطعات والنرفزات لينشغل هو بعمل المال وتطوير مهاراته وقدراته من اجل تقديم المزيد للعائلة.
ماذا عن الرجل. ماذا يفعل؟
الرجل على الجانب الآخر مسئول عن كل نفقات العائلة صغيرها وكبيرها فهذا مقابل الرعاية التي تقدمها له الزوجة وتوفير المكان المريح له. أيضا دور الرجل بالإضافة الى الإنفاق تقديم الدعم والمساندة والتربية للجميع. بهذا المرأة ترعى الجميع بمن فيهم الزوج والرجل يربي الجميع بمن فيهم المرأة. الرجل هو المربي الوحيد في العائلة فلا تتدخل المرأة في الأمر لأنها بذلك تحمل فوق طاقتها اذ يكفيها انها تقدم الرعاية للجميع. يتكفل الزوج أو الأب بتربية ابناءه وبناته ويتأكد من خضوعهم لقوانين البيت. اذا رأى اعوجاجا في سلوك احدهم قومه بطريقة مناسبة لا تكسر نفس ولا تحطم شخصية. يزيح عن الأم اعباء تربية اولادها خصوصا الذكور منهم وكذلك تربية الأم عندما تتجاوز حدودها وتتمادى في إنتقاد الأطفال او تقوم بأعمال تسبب لهم تشوهات نفسية.
الشرطي الطيب والشرطي الشرير
عمل الرجل والمرأة في العائلة الجديدة يشبه الى حد بعيد عمل الشرطي الطيب والشرطي الشرير. تحافظ الأم على الظهور بالمظهر الطيب فلا يأتي منها الا كل ما هو جميل ومتناغم مع كونها مرأة وأنثى في نفس الوقت. الأم هي الحب والحنان والرضى والإبتسامة الصافية، فهذا كل ما يراه الأبناء. بينما يمارس الأب دور الحامي والمدافع عن العائلة وعن كرامتها ويقوم بدوره في سن قوانين واضحة وصريحة تحفظ كرامة كل آفراد العائلة سواء من اعتداءآتهم فيما بينهم او اعتداءآت الآخرين عليهم من اهل وجيران وغرباء. هو الحامي والمدافع والمربي.
تبادل أدوار
المشكلة التي تواجهها معظم العائلات الآن هي تبادل الأدوار. مرة الأب هو الذي يرعى ومرة يربي وكذلك الأم مرة ترعى ومرة تربي وفي أحيان كثيرة تنقلب المعادلة بالكامل فتخرج المرأة عن أنوثتها لتمارس دور الشرطي الشرير وتقوم بدور التربية ويتحول الأب الى دور الرعاية. هذا يسبب تشويشا كبيرا في عقول الأطفال. يسألون انفسهم وإن بطريقة غير مباشرة، من المدير؟ من مدير البيت؟ يبدو أنه لا يوجد مدير ثابت في هذة العائلة. الأم تتقلب وكذلك الأب وكل يصدر اوامره لهم رغم تعارضها وتضاربها.
الخلاصة
دور المرأة مهم وكذلك دور الرجل في العائلة الجديدة وعليهما العمل معا كل حسب دوره وموقعه فلا يتبنى أي منهما دور الآخر ولا يجور عليه او يهمل دوره بالمرة. المشكلة التي تواجهها معظم العائلات هي لخبطة الأدوار مع عدم وجود توجه واضح للعائلة فهي تعيش دون تحديد اهداف واضحة لأفرادها ولمستقبلهم فتبدو كنسخة مكررة من العائلات السابقة. هذا ما سنتناوله بإسهاب في مقالات لاحقة فتابع معنا من اجل المزيد حتى تتضح لك كل معالم الصورة.