الأب النرجسي هو الذي يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية والذي يجعله مفتوناً بنفسه وأنانياً بشكلٍ مفرط، ويتعامل مع أبناءه كامتداد له أو مليكة مادية، ويتوقع منهم الكمال ليظهر هو بمظهر مثالي وصورة اجتماعية براقة، ما يترك آثاراً سلبية كبيرة لدى الأبناء المراهقين.
هل يحب الأب النرجسي أولاده؟
لا يحب الأب النرجسي أولاده بالطريقة التي نعرفها أو بالطريقة الاعتيادية، فعلاقة الأب النرجسي مع أبنائه علاقة معقدة تتحكم بها الصفات النرجسية والسلوكيات القهرية التي يقوم بها الأب النرجسي.
وكما أن الشخص المصاب باضطراب النرجسية يواجه صعوبةً في التعبير عن مشاعره فهو أيضاً يواجه صعوبةً في ترجمة محبته لأولاده بصورة مفهومة أو واضحة، وتغلب عليه القسوة في التعامل مع أبنائه لأنه يريد أن يكونوا جزءً من الصورة الاجتماعية البراقة التي يرسمها لنفسه.
من جهة أخرى قد نلاحظ على الأب النرجسي تصرفاتٍ تتعارض مع حبه لأولاده، مثل تفضيل نفسه عليهم في الكثير من الأمور المادية والمعنوية، ووضع احتياجاته على سلم الأوليات قبل احتياجاتهم حتى الأساسية منها، وسهولة التخلي أحياناً عن أبنائه في مواقف تتعارض مع حبه لذاته!
تأثير نرجسية الأب على الأبناء المراهقين
يولّد لديهم شعوراً بالنقص: يستمر الشعور لابن الأب النرجسي بالنقص ويتطور هذا الشعور حتى عمر المراهقة، حيث ينشأ الطفل مع أب لا يقدره وينتقده وينتقد نجاحاته باستمرار، فمهما فعل في حياته يعتقد أنه غير كافي ولا يستحق الثناء.
تطور السلوك النرجسي عند المراهق: نتيجة الحياة مع أب نرجسي قد يتطبع ابنه ببعض الصفات النرجسية التي يكتسبها من معاشرته، والتي تظهر في تعامله مع الآخرين عندما يكبر، فعندما يعتاد على الاستهزاء والنقد والتحجيم سينعكس هذا على سلوكه.
عدم القدرة على المواجهة: يعتاد الطفل منذ صغره على العجز عن مواجهة والده النرجسي ويشب على ذلك، فتضعف قدرته على مواجه الآخرين خاصةً في مرحلة المراهقة المليئة بالتحديات والمواقف التي تحتاج للقوة والمواجهة.
خلل بتكوين العلاقات العاطفية: يعاني المراهقين البالغين من صعوبة في التعامل مع العلاقات العاطفية ما يجعلهم يعيشون حياة عاطفية غير مستقرة ولا سعيدة وقد لا تستمر بشكل صحيح، فهم يتصرفون على أساس ما تعلموه من سلوكيات أبيهم النرجسي مع أمهم انطلاقاً من اعتقادهم بأن هذه هي الوسيلة الصحيحة للتعامل مع الجنس الآخر، أو يبالغون في تقديم الاهتمام لتعويض ما افتقدوه لسنوات طويلة مع والدهم النرجسي، وهذه الأمور لا بد أن تفسد العلاقة مع الوقت.
غياب شعور الأبناء بالأمان: إن الإهمال والتلاعب وعدم التواجد الذي يعيشه الأبناء مع الأب النرجسي لفترة طويلة يجعلهم دائمي الحذر ولا يشعرون بالأمان اتجاه الآخرين، فإذا الأب كان يعاملهم هكذا فماذا يمكن أن يبدر من أشخاص غريبين، فلا يشعرون بالأمان مع أي شخص كان ويفضلون البقاء في كنف أبيهم الذين اعتادوا عليه.
فقدان الثقة بالنفس: يكبر الأبناء المراهقين لآباء نرجسيين على ضعف الثقة بنفسهم لما يتعرضون له من هذا الأب، ولا يتمكنون من الرد للحفاظ على سلام العلاقة مع الأب وتجنب غضبه، ما يجعله ضعيف الشخصية في حياته الطبيعية.
فقدان الهوية الشخصية: يفقد المراهق هويته الخاصة بسبب أبيه النرجسي بسبب انشغاله بإرضاء والده وغروره، وقد يتقمص شخصيته وينشغل عن بناء هويته الخاصة وشخصيته المميزة، حيث يصبح غير قادر على اكتشاف هويته وصفاته وما يؤمن به.
عدم احترام الذات: يتعرض ابن الأب النرجسي للكثير من النقد المستمر ويجعله يعيش طفولة سلبية ويتعرض لصدمات عاطفية ونفسية، وعدم الحصول على الدعم العاطفي والثناء، ما يسبب انخفاض احترام الذات لديه في فترة المراهقة.
القلق والاكتئاب: يعود القلق والاكتئاب عند مراهقين لتعلمهم من أبيهم النرجسي أن أهدافهم واحتياجاتهم ليست مهمة، حيث يحاول أن يكون مثالياً لتلبية رغبات الأب وعند الفشل يتطور ذلك للاكتئاب.
عدم الشعور بالنجاح: يفقد المراهق لأب نرجسي لذة النجاح بسبب الإحباط الذي يشعره من قبله، من استخفاف واستهتار واسناد النجاح لنفسه، ما يجعله لا يشعر بالنجاح حتى في حال عدم تواجد أبيه سيشعر بكل نجاح يقدمه على أنه اعتيادي.
لوم الذات: الأب النرجسي ينشغل عن أبنائه بنفسه وافتخاره بحيث لا يمكنه سماع آلامهم، وحفاظاً على الأسرة ووحدتها وتجنب استياء الأب يلقي اللوم على نفسه حتى تصبح عادة يتبعها المراهق في حياته غالباً.
الخطأ في اختيار الشريك: يصبح المراهق الذي يعيش مع أب نرجسي أكثر عرضة للاختيارات الخاطئة في شريك حياته، وقد يرتبط بشخص نرجسي لإيجاد صفات والده بها والاعتياد عليها، خاصةً بالنسبة للبنات التي تبحث دائماً عمن يشبه أبيها لاعتيادها على أسلوب حياته، فقد تختار شخص لا يقدر قيمتها لعدم قدرتها على اثباتها أمامه.